روايات

رواية أقنعة بشرية الفصل الثاني عشر 12 بقلم إسراء الشطوي

رواية أقنعة بشرية الفصل الثاني عشر 12 بقلم إسراء الشطوي

رواية أقنعة بشرية الجزء الثاني عشر

رواية أقنعة بشرية البارت الثاني عشر

رواية أقنعة بشرية
رواية أقنعة بشرية

رواية أقنعة بشرية الحلقة الثانية عشر

━╃ القناع الثانية عشر ╄━
* داخل منزل أيوب
يَجلس علي الأريكة مُنذ وصولهُما يضع رجل علي الأخُري ويضرب بكفيه علي فخذيه بغضب وعينيه تُتابعان التلفاز المُشتعل ولَكن في الحقيقة هو شارد بما حدث وغير مُنتبه علي التلفاز من الأساس.
أما هي مُنذ قُدومهُم تجلس في غُرفتها علي الفراش تفرُك يدها بتوتر ملحوظة وأبنتها نائمة بفراشها الصغير.
تُفكر كيف لها أن تعمل وهو معها ف المنزل ف عملها يحتاج إلي الجهاز اللوحي وهي أتت به بالفعل ولَكن ماذا ستقول إلي أيوب كيف جلبت المبلغ حتي تشتريه؟
فحتمًا إذا قالت له أنها استعرته من صديقتها أو أبنه خالتها لَم يُصدقها، إلي أن توصلت لحل أنها لَم تقول له وستعمل عليه عندما يكون خارج المنزل ف أيوب يعمل صباحًا ومساءًا ف سيُكفيها هذا الوقت للعمل والتحدُث مع العُملاء.
نَهضت وهي تفتح الحقيبة سريعًا وانتشلت منها الجهاز وغبته أسفل الفراش في الدُرج السري للفراش، ف هكذا لَم يتوصل إليه أيوب ويتم اكتشافه.
بدأت بتفريغ الحقيبة داخل الخزانة ثُم دَلفت للمرحاض تأخد دُشًا سريعًا تُنعش به جسدها ثُم خرجت وهي ترتدي البورنس علي جسدها وبيدها منشفة تُجفف بها شعرها الغجري الذي يصل إلي مُنتصف ظهرها ذو الخُصلات البُني.
جلست علي المقعد أمام المرآه تُصفف شعرها بالفُرشة بعد أن جففته بالمنشفة.
رَفعت عينيها للمرآه بعدما شعرت به خلفها، نَظرت إليه بتوتر ملحوظ لا تعرف ماذا سيفعل؟
ولا كيف سيتعامل معها؟
وما هي رده فعله؟
كانت نظراته مُشتعلة من الغضب إلي أن وقعت عيناه علي عروق عُنقها وهي تتحرك بَبُطء شديد؛ نتيجة بلع ريقها.
عند هذا شرد بها وبحبه لها ف هي زوجته التي لا يعشق سواها، وأشتاق إليها كثيرًا بعد كَم الليالي التي كانت بعيدة عنه أشتاق إلي رؤيتها أشتاق إلي عناقها، ولملمسها أشتاق أن يُمارس معها الحُب الذي يكنه لها.
مد يداه وسحب فُرشاة الشعر من يدها وبدأ تمشيط شعرها برفق وعيناه تختلس الأنظار من بداية عُنقها إلي شق صدرها الذي يظهر من ملابس الاستحمام التي ترتديها.
حركت عيناها علي ما ينظر له لتفهم أنه أشتاق إليها كمًا أشتاقت له.
إبتسمت لتظهر غمازات أسفل عيناها، ف قررت أن تستخدم سلاح إي مرآة تجاه الحبيب، لتردف قائلة بنبرة دلال زائدة:
– عارفة إي اكتر حاجة وحشتني فيك؟
نَظر إليها بدون أن يتحدث، كانت نظراته كفيلة أن تُعبر عن شوقه لها، نَهضت بخفه إلي آن وقفت أمامه وطوقت عُنقه بيدها هامسة أمام شفتيه بنبرة عشق صادقة:
– حُضنك .. وحشني اوي أنك تضُمني فيه وتقولي كلامك الحلو ده
سَقطت الفُرشاة من بين يده ثُم طوق وجهها بكفوفه وأقترب منها إلي أن آلتهم شفتها بقُبلة شغوفة مُعبرة عن شوق لها، خَفض يداه من علي وجهها ولَم يفصل قُبلتهُم، وضع يد علي ظهرها واليد الأخر علي فخديها من الخلف ورفعها بين يداه وأتجه بها علي الفراش يُعبر عن شوقة لها وكَم الليالي التي أفتقدها لتسكُت شهرزاد عن الكلام المُباح..
* عند إيهاب وجايدة والأخرون
~ داخل سيارة شريف وبجانبه علي وفي الخلف يَجلس إيهاب يعانق جايدة بين ذراعيه التي تجلس على فخذيه وبجانبه جنات تنتحب علي شقيقتها وبجانبها نور وأميرة أما سمير في صندوق السيارة.
صَرخ إيهاب علي شريف قائلًا بنبرة ثائرة:
– بقالنا ساعة علي الطريق مافيش مُستشفيات خااالص؟
تحدث شريف بتوتر مما حدث وهو يقود بين السيارات ويتداخل بينهُم حتي يسرع قائلًا بعجله:
– معرفش معرفش يا إيهاب أنا ماشي حسب اللوكيشن وأقرب مُستشفي علي بعد 100 كيلو وأنا عديت 50 وفاضل 50
صَرخ إيهاب بقوة وعينيه تتجولان علي نزيف عُنقها الذي يُحاول أن يوقفه بسترته، قائلًا:
– أنت بتقوول إي دوس زفت بنزين علي السُرعة يا شريف، جاايدة هتروح مني
تحدث علي قائلًا:
– أهدأ يا إيهاب مش هينفع أعلي من كده هنعمل حادثة أنت مش شايف الزحمة اللي حوالينا
ضَرب إيهاب يداه عدة ضربات علي مقعد شريف المُقابل إليه قائلًا بغضب:
– وقف العربية وأنا هسوق وقف بقووولك
مدت نور يدها من خلف جنات تضعها علي كتف إيهاب، وهي تقول:
– أهدأ يا إيهاب ع…
قاطع حديثها صراخ إيهاب بوجهها وهو يدفع يدها بعيدًا، قائلًا:
– ابعدي عني .. لا تقربي مني ولا تتكلمي معايا عشان مافقدش أعصابي وازعلك واجبلك اللي فات لحد الآن، ف أحسن ليكي خليكي بعيده عني
حدقت فيه بصدمة والدموع تنهمر على خدها بقهر وهي تطوى يدها على صدرها، بينما كانت أميرة تبكي بصمت وعيناها مثبتتان على المرآة الجانبية لباب السيارة ، تنظُر إليه بأسف على ما فعلته ، بَقيت على هذا الحال حتى التقت أعينهُما ، وظل علي ينظر إليها بحُزن مؤسف لما فعلته ، لقد أحبها حقًا وكاد قلبه أن يتحرك لها ، لَكن من المؤسف أن ما فعلته صدمه بعد ذلك. بعدما عرف القصة كاملة .. نظراتُه جعلتها تشعُر بالندم لما فعلته.
ظَلت نظراتها مُصوبه تجاه وكُلًا منهُم يُرسل للأخر حديث عبر العين كانت نظراتها مليئة بالندم والاعتذار ، نظراتها صادقة ، أما هو كان يوبخها على ما فعلته ، وكأنه يخبرها أن ما فعلته مليء بالأنانية والتهور ، فلم يتوقع منها شيئًا مثل هذا.
مرت عليه الدقائق وكأنها سنوات كانت أنامله تتحرك على خدها وهو يرسم ملامحها الساحرة إليه.
حتى أوقفه حديث جّنات، صرخت بهلع وأنتفضت من مقعدها ، وهي تمد يدها على عُنق جايدة. تلعثمت وانهارت تمامًا:
– اا.. الدم رجع تاني الدم م .. مش بيُقف ج.. جايدة قومي يا جايدة
ارتجف إيهاب والجميع من حديث جّنات، وكانت يديه ترتجفان وهو يرفع جايدة ويضغط بسترته على الجرح ويصفعها بخفة على خدها ، لتنهمر دموعه كالشلالات، بينما قال في حالة هستيرية وصراخ:
– جايدة جاااايدة قوومي يا جايدة قوووومي
ضَرب مقعد شريف المُقابل إليه بقدمية، قائلًا بصُراخ:
– دوووووس بنزيييين هتروح منييي أنجز بقولك يلااا
قام شريف بالضغط علي دواسة البنزين لتزداد سُرعة السيارة ، تُزمجر صارخة تلتهم الرصيف من شدة سُرعتها ، بينما تُتابع عيناه تَحرُكات السيارات الجانبية من الجانبين وأيضًا الأمامية والخلفية حتى لا يصتدم بأحدهم ، ظل صراعه مع السيارات حتى وصل إلى المُستشفي بأسرع وقت ، وكاد يتسبب في وقوع العديد من الحوادث ، لَكن شاء الله أن يتفادهُم حتي كَبح السيارة جانبًا عند وصوله إلى المُستشفي.
هَبط شريف علي الفور وفتح باب إيهاب ليترجل إيهاب بسُرعة وركض داخل المُستشفي وهو يحمل جايدة بين يديه وخلفه شريف وجّنات التي ساعدها في النزول وركضوا سويًا.
أما أميرة فقد كادت أن تفتح باب السيارة ليضع علي يده علي الباب، ثُم ضغط علي زر القفل وأغلق أبواب السيارة الخلفية، ثُم سَحب المفاتيح من مكانها وهبط السيارة وقبل أن يغلق بابه، أنحني قليلًا ونظر إلي أميرة، وقال:
– هتفضلو هنا احد ما أشوف إي اللي هيحصل جوه، لو حصل قلق من واحده فيكُم صدقوني مش هتردد أنزل التسجيلات علي النت وأفضحكُم مفهووم
قال ما قاله ، ثم صفق الباب بقوة وأغلق السيارة بالضغط على زر القفل ليغلقه بالكامل ، ثم أخذ خطواته داخل المستشفى.
* داخل المُستشفي/ تحديدًا أمام باب غُرفة العمليات
يَقف الجميع بعدما دَخلت جايدة غُرفة العمليات، كانت جّنات تبكي داخل أحضان شريف الذي كان يُحاول أن يواسيها فكانت مُنهارة علي ما حدث لشقيقتها تَشعُر وكأنها هي من تنزف ف جايدة لَم تَكُن شقيقتها وحسب ف أنها تؤامها.
على الجانب الآخر ، إيهاب جالس على الأرض وظهرُه على الحائط ، أما إذًا اردتنا وصف حالته دون مُبالغة ف كان قلبه منزوع وعيناه لا تراها من كم الدموع التي يكتمها ، أغلق عينيه بقوة محاولًا منع دموعه من التساقُط ثُم فتحها لتُقابل عينيه بيديه المُلطختين بالدماء ليُحرك عينيه على قميصه المليء بدمائها. فالدماء بين يديه وقميصه كثيرًا ، في الحال ، اعتقد أن دمها قد إنتهت من كمية الدم التي نزفتها.
سَقطت دموعه الحبيسة دون ارادة وهو يري بُكاء جّنات مع تنهُدات عالية وهي تنتفض بين ذراع شقيقه، رَفع كفه ومسح دموعه، ثُم لف يديه حول بعضهُم، وأغمض عينيه وأعاد رأسه إلي الوراء. ضربها بالحائط عدة مرات وكأنه يُريد تشتيت إنتباهه حتي لا يتذكر مشهد وهي غارقة في دماءها هذا المشهد حطم قلبه.
اقترب علي وجلس بجانبه واتكأ ظهره على الحائط ، ثم وضع يديه على الحائط خلف رأس إيهاب حتى لا يضرب رأسه بالحائط ، فأعاد إيهاب رأسه ليضرب على يد علي ، فَفتح عينيه وحرك رأسه جانباً ليرى ضباباً من كَم الدموع في تتوسط عينيه. رَفع يده ومسح الدموع بقوة ، ناظرًا إليّ علي وهو يلف يديه مرة أخرى حوله.
تحدث علي قائلًا:
– عُمري ما شوفتك في الحالة دي يا صاحبي .. أهدا شوية جايدة قوية وهتقوم منها بس أنت أجمد
أغمض عينيه وهو يضع وجهه بين رجليه ، ليربُط علي على ظهره ، وقال:
– جايدة قوية وأنت أقوي صدقني هتقوم ومش هيح…
انقطع حديثه وفتح باب العملية وخرجت إحدى الممرضات مسرعة نحوهم ، فقام الجميع وركضوا إليها وهم ينظرون إليها بنظرات هلع وذعر ينتظرون أن تتحدث ، لتقول:
– محتاجين دم وفصيلة دمها مش موجودة فصيل…
قاطعت جّنات حديثها، وقالت:
– أنا وهي نفس فصيلة الدم .. أنا تؤامها
سَحبت الممرضة يدها على الفور وركضت بها إلى غرفة أخرى ، وقالت لها:
– بتشتكي من إي مرض مُزمن أو أنميا
تحدث جّنات وهي تركُض معها:
– لا أنا كويسة جدًا خُدي مني الدم اللي يكفيها متقلقيش
ليدلفوا معا داخل الغُرفة..
سار إيهاب إلي غُرفة العمليات ووقف أمامها والدموع تنهمر بغزارة علي خده، مر الوقت وكان علي نفس حالته إلي أن أتت المُمرضة مع جّنات بعد أن استعدت وأرتدت رداء المُستشفي. ف لَم يَكُن يوجد وقت حتي تنقل الدماء من جّنات ثُم تذهب إلي جايدة حتي تنقلها لها، لهذا سوف ينقلون من جسد جّنات إلي جايدة علي الفور.. دَلفوا سويًا
أقترب إيهاب حتي يري جايدة، لَكنهُم أغلقوا الباب، حتي شريف كان يركُض لجنات، لَكنه لم يلحق.
ظَل واقف هو وشقيقه وبجانبهُم علي، إلي أن صاح علي قائلًا بفزع:
– إيهاااب إي الدم اللي بينزل منك ده
حرك شريف عيناه علي إيهاب، وقال وهو يضع يده علي معده إيهاب:
– جرحك اتفتح تاااني يا إيهاب
مَسك إيهاب يد شريف وأبعدها عن معدته وقال:
– عارف الجرح بينزف من وقت ما كُنا هناك
صَدم علي وقال:
– وساكت ليه يا إيهاب دمك هيتصفا يابني أنا هروح أنده لدُكتور
رَكض علي لينظر شريف إلي أخيه وحاوط وجهه بكفوفه، وقال:
– عارف أنك موجوع وخايف علي جايدة أنا كمان خايف ومرعوب عليها دي بنت عمتي بس مش معني كده أنك تشيب نفسك تموت
تحدث إيهاب بنبرة مُنكسرة، قائلًا:
– بنت عمتك! أيدك قولت بس جايدة مش بنت عمتي وبس جايدة حبيبتي أنا كُنت مستني لحظة المواجهة دي تتم عشان تسامحني وأرجع معاها زي الأول واحسن كمان.. كُنت فاكر كُل حاجة هتمشي تمام ماكونتش متوقع أنها تتأدب أبدًا أنت ماشوفتش منظر وبنت الكلب دي بتدبحها وديني ماهسبها تعيش لحظة أنا مستني أطمن علي جايدة وبعدها هجيب حقها بأيدي من إي حد أذاها وكانه السبب ف فُرقنا
تحدث شريف قائلًا:
– كُل حاجة هترجع زي الأول بس ينفع جايدة تقوم تلاقيك تعبان قُصادها بالمنظر ده، تعالا معايا نخلي الدُكتور يشوف جرحك علي ما جايدة تقوم
حرك رأسه بالنفي، ليمسك شريف يده وهو يسحبه خلفه، وقال:
– لو عايز جايدة تسامحك لازم تقوم تلاقيك أسد يا واد مش تقوم تلاقيك فرخه دايخة
تحركوا سويًا.. ليروا علي يركُض بإتجاهُم ومعه أحدٍ الأطباء ليسيروا مع الطبيب بعدما وجهُم إلي الغُرفة حتي يري جرح إيهاب ويغلق له..
* عند شيرين
بعدما دخلت الجزيزة الصحراوية المليئة بالمُخيمات واقتربت من الرجال لتقُف قائلة أمام أحدهُم أنها ضائعة وتُريد البقاء معهُم الليلية حتي يشرق الصباح ويقوم احدهُم بإيصالها
ابتسم لها أحدهُم، وقال:
– تعالي
أقتربت شيرين ليُربط علي الأرض جانبه يحسها ان تجلس، نظرت إليه والابتسامة تعلو وجنتها وهي تجلس جانبه، قرب وجهه منها وهمس بأذنيها قائلًا:
– أسمك إي يا حسناء؟
حركت رأسها جانبًا تنظُر إليه، وقالت:
– أسمي شيرين مش حسناء
ضَحك بقوة لتبدأ علامات الزعر والخوف ترتسم علي وجنتها وكادت أن تنهض، ليمسك يدها يُجلسها مرة أخري قائلًا:
– حسناء يعني جميلة أسمك جميل وأنتي أجمل
إبتسمت وقالت:
– ميرسي .. أنت أسمك إي؟
= همام أسمي همام .. إلا جوليلي وصلتي هنا كيف؟ ضايعة بحج وحجيجي ولا جاية بإرادتك
حركت رأسها بالنفي وقالت:
– لا أنا ضايعة بجد أنا طالعة رحلة مع المدرسة في مُخيم وكُنت بتمشي وضعت
= ضيعتي طريقك … مم أول ما يهل النور هبعت الرجالة يوصلوكي عارفة أسم المُخيم
حركت رأسها بالإيجاب وهي تقول له.. لَف ذراعه حول كتفها وهو يلوح لها علي النساء التي تتراقص علي ألحان الموسيقي وقال:
– عُمرك جربتي تُرجصي زيهُم أجده
حركت رأسها بالنفي، نَهض وهو يلف يده حول خصرها ثُم توجهه بها إلي مكان الرقص وسحب عصا وهو يُراقصها بها ، أما هي في البداية كانت خائفة من الأجواء إلي أن استسلمت إليه وبدأت ترقُص علي ألحان الموسيقي بدون أحراج أو خوف.
إلي أن تقدمت أحد الخدم وقدمت إليهُم المشروب لتبدأ بتناوله بشراهه إلي أن بدأ جسدها يترنح علي همام أثر المشروب، لتعلو إبتسامة علي شفته وهو يحملها ويسير بها إلي أحدٍ الخيم..
* داخل المُستشفي
خرج إيهاب بعدما ضمد له الطبيب جرحه، وتحرك إلي غُرفة العمليات ومعه شريف وعلي، عند وصولهُم كان باب غُرفة العمليات مفتوح ويخرج المُمرضين يجرون النقالة القابعة عليها جايدة.
رَكضوا جميعًا ايضا إيهاب إليها مسك يد جايدة وقال بنبرة هلع وخوف تُسيطر عليه:
– جايدة رُدي عليا جااايدة حبيبتي
رَفع عينيه إلي المُمرضين، ليأتي إليه صوت الطبيب قائلًا:
– استاذ مُمكن تسبهُم ينقلوا المريضة للغُرفة وتعالي حضرتك وأنا هطمنك علي الحالة
طبع قُبلة علي جبهتها ثُم ألتفت إلي الطبيب ليري شريف يحتضن جنات وهو يتحرك بها يجلسان علي المقعد وبيدها عبوة عصير ترتشف منها بَبُطء ف كانت دائخه أثر سحب الدم منها.
أقترب إيهاب من الطبيب ومعه علي، ليردف الطبيب والإبتسامة تشق وجهه قائلًا:
– واضح أنها غالية عليك آوي
أردف إيهاب بعجلة قائلًا:
– طمني يا دُكتور عليها هيا كويسة
لا تزال الإبتسامة علي وجهه الطبيب، ليردف قائلًا:
– عال العال الحمد الله الجرح مش عميق وخيطنا الجرح تجميلي يعني مش هيكون في أثار ونقلناها الدم .. ساعة وهتفوق ونقدر نطمن عليها أكتر بس الحالة اللي قُصادي كويسة فحبيت أبشرك عشان متقلقش أكتر من كده
علت الإبتسامة وجهه إيهاب، وقال:
– بجد يا دُكتور يعني أقدر أشوفها أول ما تفوق
أومأ إليه الطبيب، وقال:
– أطمن عليها وهدخلك تشوفها ويمكن تُخرج معاك كمان وتكمل علاجها في البيت لو لقيت الحالة تسمح
صاح إيهاب بفرحة وهو يحتضن الطبيب، ضَحك الطبيب وهو يُربط علي ظهره ثُم ابتعد إيهاب وهو ينظر إليه بإحراج قائلًا:
– بعتذرلك يا دُكتور من الفرحة مش مصدق
قال الطبيب وهو مُبتسم:
– ولا يهمك المهُم تعزموني علي فرحكُم
ابتسم إيهاب وقال:
– إدعي أنها تسامحني بس وكُل حاجة هتمشي عال العال
رَبط علي كتفيه وهو يسير إلي غُرفة مكتبة، ليقفز إيهاب ثُم عانق علي وهو يلف به، إبتسم شريف وهو يري شقيقه سعيد فعرف أن صحة جايدة بخير، ليهمس إلي جنات قائلًا:
– طمنيني عليكي جايدة واهو واضح أنها كويسة من جنان إيهاب شوية وهيمشي يحضن في المُستشفي كُلها
ضَحكت بخفه، وقالت:
– أنا كويسة متقلقش الدوخة دي قالولي طبيعي عشان أول مرة أتبرع بدم
بعد أن قالت له وضعت رأسها علي صدره، ليلف يديه حول كتفها وهو يطبع قُبله علي شعرها.
* عند شيرين/ داخل الخيمة
بعد أن وضعها علي الأرض ، أقترب منها وهو يخلع رداءه ، ثُم أنحني عليها واعتلاها ، ومد أطراف أصابعه فوق سُترتها ، وفتح أخر زر من البلوزة، شَعرت بيداه عليها ، لَم تَكُن غائبة تمامًا ، كانت لا تزال واعية لما يحدُث حولها ، ازاحت يديه وهي ترمقه بتوهان قائلة:
– أنت بتعمل إي؟
أغمضت عيناها بتعب تُحاول أن تستعيد وعيها حتي تنهض، لتشعُر بيدها تسير علي جسدها، وهو يقول:
– بعمل اللي نفسك فيه، أوعك تكوني صدجتي أنك الكلام اللي جولتيه دخل عليا لاا أنا عارف أشكالك دي كويس جووي
دَفعت يده وهي تُحاول النهوض لتسقُط مرة أخُري علي الفرشة الموضوعه علي الأرضية.. أقترب منها وهو يضحك ثُم قبض علي يديها بكف واحد واليد الاخري يِحركها علي أزرار البلوزة، وفتحها تحت اعتراضها بينما كانت تُحاول دفعه ، نظر إليها وهو يلعق لسانه بطريقة مُشمئزة ،كاد أن يهبط بوجهه علي جسدها ، لَكنها رفعت ساقيها وضربته بشدة بين رجليه ، ثُم نَهضت وركضت خارج الخيمة ، لَكنها وقفت وهي تترنح ووضعت يدها علي راسها ثم ألتفتت تنظُر إليه لتراه يتألم .. ضغطت علي رأسها بأحدي يدها وأمسكت بيدها الأخري سُترتها المفتوحة تضُمها حتي تخفي جسدها ثُم تحركت خارج الخيمة ، تَسرع في خطواتها لَكنها لَم تركُض حتي لا تلفت الانتباه حولها.
إلي أن خرجت خارج الخيمة، بدأت تُهدأ من مشيتها فما زالت دائخة أثر المشروب ، وقفت وهي تنظُر حولها ف مازالت علي الجزيرة ثنت جسدها للإمام ووضعت كفوف يدها علي رُكبتيها وهي تتنفس بَبُطء تُحاول أستعادة وعيها حتي تركُض من هذا المكان قبل أن يَعثُر عليها أحدٍ.
* في المُستشفي/ داخل غُرفة جايدة
بعد أن أستيقظت جايدة وكشف الطبيب عليها وطمأنهُم علي صحتها ، ليسمح لهُم بالدخول إليها ، كانت جّنات تجلس بجانب جايدة علي الفراش ، تُعانقها وتُقبل خدها كتعبير عن الخوف والقلق عليها، أما شريف وعلي فكانا يبتسمان لما تفعله جّنات ، أما إيهاب فقد ضل شاردًا بها ، يرغب في عناقها داخله ليطمئن قلبه ، كان شارد إلي درجة أنه لَم يستمع لمُحادثاتهُما عندما سألوها عن حالتها. لَم يَقُل شيئًا مُنذ دخوله ، ولَكن قرر الكلام ، وقال:
– أطلعوا برا
ألتفت شريف وعلي إليه أما جّنات صَدمت من قوله، ليردف شريف قائلًا:
– بتقول إي يالا
أقترب علي إليه وضربه علي كتفه بمزاح، وقال:
– مالك ياض وتقف مبلم ليه؟
أضاف إيهاب بنبرة عالية مليء بالغضب وهو ينظُر إليها، قائلًا:
– برا أطلعوا بررررا
حركت جايدة رأسها إليهُم تحسهُم علي الخروج، تحرك شريف وعلي للخارج ، لتُريط جّنات علي يدها وهي تُقبل خدها وهمست إليها قبل أن تخرُج:
– أنا هفضل قُدام الباب لو احتجتيني ناديني
أومأت إليها لتتحرك جّنات للخارج وأغلقت الباب خلفها.
تنهد بشدة بعدما وصل إليه صوت الباب، نظرت جايدة إليه ، وقالت:
– هتفضل تبُصلي كده
تحرك إليها بخطوات بطيئة ومع كُل خطوة تزداد دموعه عينيه بالداخل إلي أن وقف بجانب الفراش مد يديه التي كانت ترتجف بشدة إلي أن لمس جرح عُنقها من أعلي الضمادات ، لتزداد لمعه عيونه ، رَفعت جايدة يدها التي بها أبرة محلول وتلمست يده التي تتلمس عُنقها ورفعت يدها الأخري ولمسك يده الأخري إلي أن شبكت أطرافها مع أطرافه ، وهمست إليه بنبرة مليء بالحُب:
– أنا كويسة بلاش النظرات دي هعيط
جلس علي حافة الفراش وصدره يعلو ويهبط ومازالت يداهُم مُتشابكة واليد الأخري علي عُنقها، ليقول:
– مُمكن اعيط في حُضنك
حركت رأسها للأمام، لَم تُرجع رأسها للخلف ف أنتشلها داخل حضنه لتأن بضعف أثرٍ ارتطام وجهها بعُنقه ، شَعرت بيداه تتحرك علي عُنقها ثُم شفته وهي تقترب من أذنيها، ليهمس لها قائلًا:
– وجعاكي
همست إليه بنفس نبرة الضعف التي يتحدث بها، وقالت:
– كُنت ، بس دلوقتي مش حاسة بحاجة غير بالأمان
بعد أن سمع حديثها لَم يقدر علي السيطرة علي دموعه لتنهمر دموعه علي وجنته لتشعُر بها بعدما سَقطت علي كتفها المكشوف ، هَمست إليه قائلة:
– هعيط طلع وجعك كُله في حُضني عيط يا إيبو
إزدادت شهقاته بشدة كان يشهق بصوت مُرتفع وهو يبكي بألم ويزيد من ضمها بشدة هامسًا لها بحُزن:
– سامحيني يا عُمري سامحيني مش هزعلك تاني خالص أنا بحبك يا جايدة عُمري ماحبيت غيرك .. أأ .. أنا عارف أنِ ماستهلكيش بس صدقيني أستاهل فُرصة ، فُرصة واحدة وهثبتلك حُبي ليكِ بس أنتي وافقي
أغمضت عينيها وهي تُكافح حتى لا تبكي معه، وحاولت إخراج الكلمات من جوفها ، لَكنها فشلت ، لَم تشعُر بنفسها إلا وهي تتقاسم معه الدموع ، وتبكي
معه بشدة وهي تضرب ظهره بكفيها ، ليزيد من ضمها أكثر فأكثر بينما كان يطبع القُبلات علي عُنقها من أعلي الضمادات ويهمس لها تاره يعتذر لها وتاره بمدي حُبه ولوعه به وكَم هو نادم.
استمروا في البُكاء معًا حتى بدأ كُلًا منهم يهدأ ، لَكن نبضات قلبهم لم تهدأ. لا تزال طبول قلبهم تنبض بقوة ، كما لو أن كُل واحد منهم أراد أن يُعبر للآخر عن مقدار الحُب والمشاعر التي لديهم تجاه الآخر.
أبتعد عنها قليلًا ولَكن مازالت قريبة إليه ، رفع كفيه يَمسح بقايا الدموع العالقة علي وجنتها، أما هي كانت تنظُر إليه بأشتياق لتنغمر الدموع علي وجهها.
قَرب وجهه إليها وهو يطبع قُبل علي دموعها يزيلهم عن طريق شفته ، اغمضت عيناها لتضغط بكفوفها علي ذراعيه بعدما شَعرت بقُبلاته تزداد وكادت أن تُهدم كيانها، لتهمس إليه بضعف قائلة:
– إيهاب ماينفعش كده
كان مُغيب معها لترفع يدها علي صدره تُبعد عنها، ليبتعد عنها وهو مسحور ينظُر إليها بعشق.. حرك يداه علي شعره بقوة، وقال بعدما رأي معالم وجهها الغاضبة:
– أسف يا جايدة مش قصدي أضايقك
أومأت له وقالت:
– عارفة بس أنت عارف من زمان مابحبش كده أنا مش زي إي واحده عرفتها يا إيهاب أنا جايدة
مسك كفيها وطبع عليهُم قُبلات ، ثُم رفع عينيه إليها وقال:
– عارف لو ماكونتش عارف ماكنش زماني هنا ولا هموت من القلق عليكي أنتي نادرة ومن زمان كمان .. بحبك آوي يا جايدة
ابتسمت له بدون إضافة ، ليتنهد قائلًا:
– مش هتحني عليًا وتقوليها
غمزت له قائلة:
– لما أحس أنك لسه شاريني
أفأف بضيق، وقال:
– بعد كُل ده
= ااه بعد كُل ده إنت عارفني أنا كده وشخصيتي كده وهفضل كده عاجبك ولاا
سحب يدها وطلع قُبله عليها وقال:
– عاجبني أنتِ كُلك علي بعضك عجباني بحبك يا حية
ابتسمت قائلة:
– ماشي يا سمي .. قولي هطلع أمتا
أردف إيهاب قائلًا:
– هو ينفع النهاردة بس أنا بقول خلينا علي بُكرة الصُبح عشان الطريق
أومأت له وقالت:
– شيرين فين رجعت المُعسكر
إيهاب: ماعرفش هيا جريت وأنا مكنش فيا دماغ أنِ أجري وراها كان كُل همي الحقك أنتي
إبتسمت إليه وقالت:
– طب إتصلت عرفتهُم اللي حصل في المِعسكر
إيهاب: أكيد لاا أنتي عبيطة هقولهُم إي!
جايدة: مش قصدي كده عرفهُم أن أحنا هنرجع وقول إي سبب عشان مايحصلش مُشكلة
أومأ إليها ، وقال:
– تمام متشغليش بالك بأي حاجة بس دل…
– اااه
أنين خافت خرج من ثغره وهو يضع يده علي جرحة الذي أشتد عليه ، خفضت بصرها تنظُر إلي جرحة ثُم رفعت سترته تنظُر إلي الجرح، وقالت:
– جرحك اتفتح تاني صح؟
صاحت بصدمة بعدما رأت دماء علي القميص، لتقول:
– يانهار أسود الدم ده من إي!
حرك أطراف أصابعه علي خدها، وقال:
– أهدي الدم ده منك أنتي .. وبخصوص الجرح بتاعي ااه اتفتح بس روحت ل دُكتور هنا في المُستشفي ونضفلي الجرح وعقمه كمان متقلقيش بقي
أردفت قائلة وملامحها ترتسم عليها الزهر والخوف:
– بس الجرح وجعك أنت تعبان
إيهاب: هخلي شريف ينزل يجبلي مُسكن ، بس أنتِ نامي
مسكت يده وقالت:
– ماشي روح قوله وتعالي أقعد معايا ، مش هنام إلا لما تيجي
أومأ لها ثُم نهض وتحرك للخارج.
بعدما خرج رأه جّنات في وجهه ، نظرت إليه وقالت:
– اتكلمتوا ف إي؟
ضربها علي شعرها بخفه ، وقال:
– ادخلي خليكي جمبها لحد ما نشوف هنعمل إي يلاا
ضربت يداه وهي تُخرج له لسانها ، ثُم تحركت داخل الغُرفة
أقترب إيهاب من شريف وعلي ، وقال:
– هنبات النهاردة وبُكره الصُبح نتحرك علي البيت ماشي
علي: هنعمل إي في اللي برا دول
شرد إيهاب قليلًا يُفكر إلي أن قال:
– روح وأنت وشريف وصلوهُم للخيمة وبعدين تعالوا علي هنا
شريف: بسهولة كده
إيهاب: شُغلي معاهُم في القاهرة ، دلوقتي نرجعهُم الخيمة عشان ميحصلش مُشكلة بس متخليش حد يشوفكُم ونبهوا عليهُم أنهُم يقولوا أنهُم كانوا في إي حته بعيد عننا المُهم وبعدها أنا هتصل بالمُشرف وهبلغه أننا هنرجع مصر وهبلغ أبوك باردو عشان يعرف أننا راجعين بُكره
أومأ إليه شريف، وقال:
– طب إتفق مع الدُكتور أننا هنفضل النهاردة ونمشي بُكره الصُبح عشان يشوفلنا مكان ننام فيه
ضَحك إيهاب بخفه ، وقال:
-مكان ننام فيه أحنا شكلنا هناك كُلما في أوضة جايدة أنت مش شايف المُستشفي مليانا أزاي ، يلا يا عم أنجز بس الأول عاوز مُسكن مش قادر الجرح شادد عليا أوي
ضَرب علي علي كتف إيهاب وقال:
– ثواني وهجبلك أحلا مُسكن
حرك إيهاب عينيه وقال:
– منين!
ضَحك شريف قائلًا:
– سبتو دقيقة لقيتو اتعرفلي علي استف التمريض كُله
ضَحك إيهاب وهو يري علي يتحدث مع أحد المُمرضة ويطلب منها أن تجلب إليه مُسكن..
ليأتي علي إليه وبيده مُسكن وزُجاجة مياة قائلًا:
– أدعي للمُمرضة دي ربنا يهدي حماتها عليها الست شقيانه وتعبانة ف تربية الولاد وحماتها بنت ستين في سبعين
ضَحك إيهاب وشريف ، ليقول شريف بصدمة:
– كمااان بيحكولك مشكالهُم
نظر إليهم بغرور قائلًا:
– طبعًا أنت مستقل بيا دانا علي يعني الطيبة والحنية والحُب والصدق والأرتياج
دفع إيهاب زُجاجة المياة بوجهه بعدما ابتلع المُسكن وقال:
– طب يلا يا حيلتها روح مع شريف وأنجز .. ومتتأخروش
أومأ شريف إليه وهو يسحب علي من ياقة سُترته، وقال:
– متقلقش بس خليك مع البنات ولو حصل حاجة هكلمك
حرك إيهاب رأسه ثُم تحرك داخل الغُرفة..
* عند شيرين
كان تَركُض إلي أن شَعرت بأحد خلفها ، زادت ضربات قلبها من الخوف والهلع وهي تلتفت بَبُطء خلفها، وفجأة …

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

الرواية كاملة اضغط على : (رواية أقنعة بشرية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى